لا وصفة سحرية سوى احترام قانون المرور

سواق يقودون المركبات لسنوات وحققوا هدف "صفر حادث"

سواق يقودون المركبات لسنوات وحققوا هدف "صفر حادث"
  • 1237
حنان.س حنان.س
كرمت جمعية «البركة» لمساعدة الأشخاص المعاقين مؤخرا، بعض السواق التابعين لمؤسسة النقل والخدمات (انترازار)، هؤلاء لم يسجلوا طيلة مشوارهم المهني في نقل العمال أي حادث. وجاء التكريم على هامش إحياء اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث المرور. وتحدثت «المساء» إلى السواق لمعرفة سر «نجاحهم» في تخطي امتحان القيادة بطرقات العاصمة دون تسجيل مخالفات أو حوادث طوال سنوات عدة، وكان أن اتفقوا على القول ان السر يكمن فقط في احترام قانون المرور.
قال السيد أحمد خداش 64 سنة، الحاصل على الجائزة التشجيعية الأولى التي أطلق عليها «سائق..صفر حادث» من طرف مؤسسة ‘انترازار’، إنه قاد السيارة منذ أكثر من 35 سنة ولم تسجل ضده أي مخالفة مرورية، كما أنه لم يرتكب أي حادث. وأوضح انه يعمل في نقل العمال على خط الدويرة -وسط الجزائر وسرعته ما بين 80 إلى 100 كيلومتر في الساعة. وأكد أنه يمضي سنة كاملة في القيادة دون أن يوقفه شرطي للمراقبة، ولم يسبق له أبدا أن تجاوز إشارة مرورية أو غيرها ولم تسحب منه رخصة القيادة أبدا.
يقول المتحدث عن السياقة إنها تتطلب التركيز والانتباه، واعترف بأنها أصبحت حاليا صعبة للغاية «لا أدري ما الذي يحدث للبعض..فكأن الحياة عندهم أصبحت رخيصة لدرجة التعدي على حق الآخرين في العيش.. فأصبحنا نرى سواقا لا يحترمون قانون المرور، والأدهى أنهم لا يعترفون بأخطائهم»، يقول المتحدث معيبا على مدارس تعليم السياقة بقوله «أعتقد أن الخطأ يكمن في تكوين الشباب أبجديات القيادة، فالساعات قليلة واقترح دعمها اكثر وتمديد مدة الحصول على الرخصة لحوالي السنة». ويضيف المتحدث بقوله «مهما سجل من حادث فإن سببه الأول والأخير السائق، فهذا الأخير يمكنه أخذ الحيطة من أي شيء قد يؤدي به للاصطدام، وهو احترام القانون».
من جهته، يعتقد السيد جمال قلفي الذي يقود السيارة منذ 33 سنة ويعمل حاليا في نقل العمال على خطّي الدويرة - الخروبة والدويرة - المحمدية وحقق هو الآخر صفر حوادث، أن مدارس التكوين تتحمل جزءا من المسؤولية في تفاقم حوادث المرور. وأشار إلى أهمية دعم المتحصل على رخصة السياقة أثناء قيادته للمركبة لسنوات قبيل الاستقلال بمفرده يقول «تحصلت على رخصة السياقة في 1979، ورغم نجاحي في كل الامتحانات إلا ان والدي دعمني لمدة 3 أشهر كاملة، وبعدها تمكنت من القيادة بمفردي، وللأسف هذا غير حاصل في وقتنا الحالي، بل الأمّر والأسوأ ان هناك أولياء سامحهم الله يشترون رخص السياقة لأولادهم وهم لا يدركون خطر ذلك على حياتهم وعلى حياة الآخرين.. فالحادث لا يخلف معاقين فحسب بل القتلى أيضا، وهذه كارثة حقيقة».
كما يشير المتحدث إلى تغيير الذهنيات كثيرا، إذ أضحى بعض السائقين اليوم، خاصة الشباب، دون هدف يقودون «سيارات- تاكسي فون»، بمعنى يستعملون النقال في المحادثات رغم منعه، وآخرون يقودون «سيارات -ديسك جوكي» مع رفع أصوات الأغاني... فأين هو التركيز هنا؟ يتساءل المتحدث، داعيا كل السواق إلى التحلي بالمسؤولية واحترام الغير «فمثلما هو محرم عليك الاعتداء على الآخر سواء لفظيا أو جسديا، محرم عليك أيضا تجاوز قانون المرور الذي هو تعد على حق الآخر»، يضيف السيد جمال. في الوقت الذي يقول فيه السيد محمد مونجي، صاحب ثالث جائزة «صفر حوادث مرور» إنه يقود منذ أكثر من 15 سنة، ولم يتعرض يوما لسحب رخصة السياقة أو غيرها، ولم يعتبر أنه يقف وراء هذا الأمر سر ما «هو فقط احترام قانون المرور.. فمثلما هناك التربية والأخلاق في الأسرة، فإن نفس الأمر يوجد في حياتنا وفي محيطنا.. هكذا تعلمنا منذ صغرنا، لذلك فإن الاحترام عملنا ألا نتجاوز أي قانون ولا نتعدى على أي شخص».
ومثلما تحدث السيد جمال عن دعم أصحاب رخص السياقة الجدد، كذلك يؤكد السيد محمد ذات الأمر، إذ يشير إلى أن والده كان يخرج برفقته أثناء قيادته للسيارة لمدة سنة كاملة دون ملل أو كلل، فالسيارة حسب المتحدث ليست رفاهية للتعدي على الآخرين، وإنما هي وسيلة تخفف من عبء الحياة اليومية، وفلسفته في القيادة «السماح للآخر حتى وإن كنت على حق».